من مظاهر البنية العميقة في كتاب سيبويه، تمثيل لا يتكلم به، أنموذجاً.
Abstract
البنية العميقة مصطلح حداثي في الدرس اللغوي، ارتبط بالنظرية التوليدية التحويلية التي قامت على يد تشومسكي، وهي نظرية قائمة في تحليلها للتركيب النحوي على افتراض مستويين للتركيب: مستوى قبلي، يُعَبَّرُ عنه بالبنية العميقة، وهو الأصل المتصوَّر، ومستوى بعدي، يُعَبَّرُ عنه بالبنية السطحية، وهي الصورة المنطوقة.
وقد اهتم نحاتنا القدامى بهذا في كتبهم، وإن لم يصرحوا بمصطلح البنية العميقة، فظهرت مظاهرها التحليلية في كتبهم، من حديثهم عن التقدير والتأويل، والحذف، والزيادة، والإضمار، والحمل على المعنى، والتضمين، والعدول...، وفي مقدمتهم سيبويه الذي شافه الأعراب، ووقف على كلامهم، ثم فسَّر وحلّل هذا الكلام، فهو أبو عذرها وممتطى صهوتها، فظهر في كلامه حديث عن الأصالة والفرعية، والتقدير، والتقديم والتأخير، والحمل على المعنى ... وغير ذلك، ومن كلامه وتحليلاته استقى الحداثيون هذه النظرية.
وقد اخترت من مظاهر هذا التحليل عنده مصطلح (تمثيل لم يُتكلم به)، وهو مصطلح كرره سيبويه في كتابه، معبّرًا به عن التقدير والتأويل للتركيب النحوي بإرجاعه إلى صورة ذهنية مسبوقة لهذه الصورة المنطوقة، معبّرًا عن الصورة الأولى بالأصل، ثم يردف ذلك بأن هذا التقدير لمجرد التمثيل وتقريب الصورة، لكنه لا يُتَكَلَّمُ به.
وكان الهدف من هذا البحث التعريف بهذا المصطلح السيبويهي، الذي تفرد به إمامنا سيبويه، والوقوف على مواضعه باستخدام المنهج الوصفي القائم على جمع مواضع هذا المصطلح، وتحليلها، وبيان أثرها.