من مظاهر تاثر النحويين بمنهج المحدثين في نقد الرواية اللغوية(قضية الوضع واثرها على الشاهد النحوي)
Abstract
يعكس هذا البحث مدى التفاعل بين النحو وغيره من العلوم الإسلامية، بما في ذلك العلم الحديث، اختلاف کان العلماء العرب قد أثروا بمنهج الفقهاء والأصوليين فيما يتعلق بأمر القياس والعلة، فقد أثروا أکثر ما يتعلق بأمر السماع بمنهج المحدِّثين، حيث اختطف لأنفسهم منهم جا نقديا لتوثيق الرواية اللغوية سندها ومتنها، مثل منهج المحدثين، ولم يكُن مثله تماما، فجعلوا يُصَحِّون نسبة الشعر إلي قائله، ويحتاطون في اختيار الشواهد اللغوية والنحوية؛ من حيث فصاحة الشاهد وما يتطلبها من إطار زمني وماكاني؛ وذلک ضمانا للنتيجة، أو الاجتهاد، وقد ظهر کل ذلك في جهد الإنشاء.
وقد كان لتأثيرهم بمنهج المصححين أن يؤدي إلى تغيير بعض الظواهر التي يصعب بالسند والمتن ، كنسبة البيت إلى أکثر من قائل، ونسبة الشاهد لشاعر معيّن مع عدم وجوده في ديوانه، وعدم معرفة قائل النص، وهو ما يعرف بمجهول القائل، ولا يعرف بصنعة المشاهدة له،أوه وتحريفه، ما انتهى روايته، وکل هذا أثّر على الشاهد، من حيث يعتمدُه وردُّه ،وقوّتُه وضعفُه، حيث أصبحت هذه الظواهر التي أفرزتها متأثرة بالمنهج الحديثي مثارا للطعن في کثير من الشواهد النحوية ؛ لاتصافها بصفات تحريمها الثقة وتمنعها من الحجيّة.
والإاتهام بالصنعة والوضع لم يكنورا مقص على الشاهد كماني واعد، بل يظهر ظاهرة والانتحال الشعر العربي بجملته، وأصبح من أهم الأمور الأدبية التي شغلت أذهان العرب والمستشرقين، واقتصرت آرهم أمامها، بين متّهمٍ لتطوير الجاهلي بالوضع والانتحال، ومدافع عنه.
من هنا جاء هذا البحث الذي تصدّر بتمهيد متجهُ فيه لمظاهر تأثر النحويين بمنهج التعديلين، وأثر هذا على الدرس النحوي، ومدى جزء من هذا التمرين للرواية اللغوية.
ثم جاء الفصل الأول بعنوان (الشواهد الموضوعة وموقف النحويين من الاستشهاد بها)،وفيه ظاهرة لمفهوم الوضع،ونشأته،وأسبابه، ودلائله،وثَبْتٍ بالشواهد اعترفة بالوضع عند سيبويه غيره، وموقف اتجاهيين من الاستشهاد بهذه الأبيات.
ثم جاء الفصل الثاني ، کتقويم هذه الظاهرة، فکان بعنوان (الشواهد موضوع في التاجر النقد)، وفيه : وقفة متأنية مع شُبَهِ الوضع ومعالمه، ودراسة تطبيقية للشواهد بأمانة بالوضع،وعلى رأسها شواهد سيبويه التي أتُّهِمَ بعضُهاك، وخَلَصْتُ من خلال ذک إلى صحة الاستشهاد بهذه الشواهد؛ لِوْهي شُبَهِها.
ثم قررت خاتمة البحث، وضمنتها أهم ما توصلت إليه نتائج البحث من وفوائد، ومن أهمها أنه إذا كان لا يسعني القول ذلك شواهد النحو لم تكن خالية من شواهد موضوعة أو مهمة بالصنعة، غير أن الإبداع والتهويل في الفضاء أمر لا ينتهي مطلقه، ولا يصح أن نرمي نحاتنا – وما هم من الوُفور والجلال- بخَلْق الشواهد وصناعتها قاعدة بناء أو توجيه حجة ؛ بناء على شواهد، تدور حولها تُهَمٌ، يمکن تفنيدها، کما جاء في طيات هذا البحث.