المواجهة الجنائية لتوظيف الإعلام في جرائم الإرهاب
Abstract
لقد كتب في مجتمع الحضارة ان تتسابق الجريمة ومكافحتها، ان يتسابق المجرمون والقانون، دون ان تكتب لاحدهما الغلبة بالكلية على الآخر.
وفي اطار الارهاب كظاهرة متنامية في عالم اليوم، كان لا بد من التصدي له بمواجهة عقابية تتناسب والخطر العام الذي يمثله، كيف لا وهو الخطر العابر للحدود الوطنية، مما يستدعي توحيد جهود العالم اجمع ليقف في صعيد واحد في مواجهة انتشار هذا الطاعون عبر العالم.
ولا يكاد يخفى على احد اهمية الاعلام في النشاط الارهابي، سيما اذا علمنا ان من اهم اهداف الاعمال الارهابية تسليط الضوء على قضية معينة يسعى الارهابي الى ايصالها الى الجهات التي يسعى لتوجيه رسائله اليها، وهو ما يثير لدينا ضرورة البحث في جريمة الترويج لفكر ارهابي، والدور الجوهري لوسائل الاعلام فيها، سيما في عصر الفضاء الاعلامي المفتوح، والذي بطبيعة الحال لا يمكن ضبطه بالكلية.
كذلك تواجهنا اشكالية تحديد دور الاعلام في اطار القواعد الخاصة بالمساهمة الجنائية، وبالتحديد فيما اذا كان يمكن اعتباره محرضاً على عمل ارهابي في الحالات التي لا يحرض فيها على جريمة ميعنة بذاتها، وهو ما يجعل القواعد التقليدية للمساهمة الجنائية عاجزة عن مواجهة مثل هذه الفروض.
كما وتواجهنا اشكالية أخرى تتمثل في النصوص المتداخلة حول تنظيم العمل الاعلامي، كقانون المطبوعات وقانون الجرائم الاليكترونية وقانون المرئي والمسموع وقانون العقوبات (العام) واخيراً قانون مكافحة الارهاب. وما تثيره من اشكالات جمة اهمها تحديد شكل المواجهة العقابية ومداها.
كما ويتفرع عن الاشكالية السابقة اشكالية اخرى تتمثل في الحصانة من التوقيف ومن عقوبات الحبس والتي يمنحها الصحفيون ومجى مواءمتها مع قوانين مكافحة الارهاب.
كذلك تواجهنا اشكالية قصور النصوص الناظمة لعمل شبكات التواصل الاجتماعي على اهميه هذه المواقع ودورها الجوهري في نشر افكارها المتطرفة وتجنيد المغرر بهم من صغار السن وفارغو الافئدة ولربما ضعاف النفوس. وهنا نستعرض قضاء محكمة النقض الفرنسية الحديث جداً حول مسؤولية صاحب الصقحة الشخصية على شبكة التواصل الاجتماعي مثل "فيسبوك" وغيرها، وربطها للمسؤولية الجزائية له ببعض المعطيات الموضوعية كحال ما اذا كانت صفحته متاحة للجميع، اضافة الى عدد متابعيها.
كما ونستعرض في هذا قضاء محكمة التمييز الاردنية الحديث جداً ايضاً حول الدفع الخاص بحرية التعبير عبر وسائل الاعلام واعبتارات مكافخة الارهاب.
وننطلق في هذا البحث من مسألة جوهرية تتمثل في التجريم الاستباقي او التحوطي بجرائم الارهاب ودوره في وأد دابر الفكر الارهابي في مهده، والضرب بيد من حديد على كافة مراحل العمل الارهابي ابتداء من الترويج ومروراً بتشكيل المنظمة الارهابية والانتساب اليها وتمويلها والمؤامرة لارتكاب عمل ارهابي وشراء المواد والادوات اللازمة لذلك وحيازتها وتخبئة المتورطين فيها ومواراتهم عن العدالة وما الى ذلك.