طبقات شعراء العصر الحديث في مقال الرافعي في ميزان النقد
Abstract
فمن المعلوم في دنيا الأدب أن الرافعي يعد من كُتاب العربية الكبار في العصر الحديث، وله صولات وجولات في جوانب متعدة، فقد رام الشعر في بداية حياته، وأصدر ثلاثة دواوين وهو ابن الرابعة والعشرين من عمره، كما اشتهر بمعاركه الأدبية مع محمود عباس العقاد، والدكتور طه حسين، وعبدالله عفيفي، وزكي مبارك بالإضافة إلى أنه صبغ العديد من مؤلفاته بالجانب الديني، زد على ذلك ما اتسم به الرافعي من شموخ وعظمة وحب الظهور، وقد تعانقت كل هذه الأسباب لتخرج لنا كاتباً من أبرز كتاب العصر، ولعل من المسلم به في دنيا الكتابة بشكل عام وفي الأدب بشكل خاص أن يكتب الله لبعض الكتابات أن تبرز وتظهر للقاصي والداني، وذاك قدر الله في المرزوق والمحروم، إذ في بطون الكتب من الدرر ما زال مطموراً لم يشتهر، وهو كثير وربما بذ نظيره المشهور، وقد كتب الله لما كتبه الرافعي عن شعراء العصر شهرة وذيوعاً في طليعة ما كُتب، ثم غفل عنه كثير من الكتاب، حتي خرج في ثوب جديد تحت عنوان " مقالات الرافعي المجهولة" ضمت في ما ضمت حديث الرافعي عن شعراء العصر وما صنعه معهم من تقسيمهم إلى طبقات، ويأخذ صنيع الرافعي بأيدينا إلى ما صنعه قديماً محمد بن سلام الجمحي، حيث جعل شعراء العربية في طبقات، وترجع قيمة ما فعله الرافعي إلى ريادته في هذا الصنيع في العصر الحديث، كما أنه اتسم بجرأة على الرغم من صغر سنه، بالإضافة إلى حالة الاستنفار التي وضع فيها كل من كتب عنهم في طبقاته، وبخاصة بعد أن جعل نفسه ضمن شعراء الطبقة الأولى.
وجاء البحث بعنوان: " طبقــات شعــراء الـعـصــر الحـــديـــث فـي مــقال الرافعـي في ميزان النقد" حيث انصبت الدراسة على قراءة فكر الرافعي في المفاضلة بين شعراء العصر، وهل كانت المعايير ثابتة، أو أنه استطاع فلسفتها حسب ما يراه لتقديم شاعر على آخر، وحتى يتمكن من الزج بنفسه وسط شعراء الطبقة الأولى، ثم ما الذي دعاه لأن يكتب المقال غفلاً عن توقيعه؛ لذا كان من الضروري مشايعة الرافعي في الترتيب الذي ارتضاه هو، ثم النظر في عوامل تقدم مراتب بعض الشعراء، أو تـأخر بعضهم، ومن ثم اعتراض من تقدم منهم على المنزلة التي وضعه فيها الرافعي، وجاء هذا المبحث بعنوان: التقسيم الطبقي لشعراء العصر الحديث، وتجلى ذلك في الطبقات الثلاث التي وضعها الرافعي، ثم تبع ذلك وقفة مع المقاييس التي وضعها الرافعي لتقسيم شعراء العصر الحديث إلى هذه الطبقات، وتمثلت في مقياس الزمان، والمكان، والطول والقصر، والبديهة والارتجال، والمقياس الكمي، وحسن الإنشاد، وعناصر الإبداع في العمل الفني، مع التعريج على ما سطره في مقدمة المقال وخاتمته، وسبق ذلك في التمهيد وقفة مع التأصيل لفكرة الطبقات في النقد العربي القديم.