البعد الحجاجي في الإشارات الصوفية
Abstract
ينضوي الخطاب الصوفي الإسلامي بوصفه نسيجا روحيّا تتفاعل فيه ذات المريد السالك مع الذّات الإلاهيّة ، كغيره من الخطابات البشريّة على قاعدة معرفيّة تكشف دراستها عن ملكة خاصّة وخصوصيّة بارزة للحقل المعرفي الذي ترد فيه اللغة الصّوفيّة داخليا وخارجيا (المعجم الصوفي ،التراكيب ، شكل اللغة بين الحقيقة والمجاز ،الرموز والإشارات ،أنماط الخطاب المميّزة) ،ولعلّ المواقف الروحانيّة والفيوضات السّبوحيّة التي أخذت الأمير عبد القادر عن نفسه ، وأخذته عن العالم لتخلو به ويخلو بها في حضرة الذّات الإلهيّة ،هو ما حقّق الوصال الربّاني تجليّا في بعض آي القرآن و الأحاديث النّبويّة ،ولتكون تلك الإشارات الّصّوفيّة التي ابتعدت في عمقها عن تفاسير كتاب الله بما تضمّنته من إدراك خاص للوجود إجمالاً ،وللإنسان ولله تخصيصا ،وإن كانت تلتقي في اعتمادها على دلالة الرمز و الاشارة بالتفسير الفيضى أو الإشارى ؛بتأويل آيات القرآن الكريم على خلاف الظاهر بما يُلقى في خاطر السّالك من إشارات خفية فيضا من الله أو اكتسابا ،إلّا أنّها خطابات لا يتأتّى فهمها إلاّ لمن أخذ نفسه عن نفسه ،وعليه رأينا في هذا البحث ضرورة تحديد سمات المتلقي لتلك الإشارات حتّى تتحقّق أبعادها الأخلاقيّة والحضاريّة والدينيّة بوجه عام ،فالتواصل بعوالم معرفية كعوالم المتصوِّفة بما يحمله من تعقيدات تركيبيّة وتراكب للدلالات بما وراء اللغة في أحايين كثيرة ، لا يتسنّى إلاّ لمن توفّرت فيه شروط قد أشار إليها الأمير في بعض مواقفه لصياغة مجال تواصلي بنّاء وفاعل ،وهذه الشّروط يمكن عدّها مائزا بين تلك الإشارات والتّفاسير المعتمدة للقرآن ،لتكون لغة البحث لغة واصفة شارحة للغة الأمير المصطبغة بالبعد الحجاجي النّاجم عن حيرة ملازمة للسّالك بوجه عام وللأمير خاصّة.