ظاهرة التنبيه عند ابن الهائم (815هـ) خلال كتابه (شرح تحفــة الطلاب)
Abstract
فإن تراثنا العربي مليء بالظواهر التي تحتاج إلى جهد في إبراز لآلئها، واستخراج دررها، وهذا إن دَلّ على شيء، فإنما يدُلُّ على أن الله هيّأ للغتنا العربية علماء عاملين، جعلوها شغلهم الشاغل ، وهمهم الناصب، عكفوا عليها، فالأولون جمعوا شتاتها ، ووضعوا قواعدها، ثم خلف من بعدهم خَلَفٌ يوضحون غوامضها ، ويفصلون مجملها، ويذودون عن حوضها، ويدافعون عن أرضها، فأفاض الله عليهم من علمه، وأضفى عليهم من فضله، ما مكنهم من خوض غمارها، والغوص في أعماقها، فتركوا لنا تراثًا تليدًا ، رفيع المقدار ، جليل الآثار.
من هذه الظواهر: ما يسمى بـ"التنبيه" أو "التنبيهات" ، وقد ظهرت بشكل لافت للنظر فى كتب المتأخرين من النحاة - كابن إياز (681هـ) في شرحه على تصريف ابن مالك، والمرادى(749هـ)، وابن هشام(761هـ) ، والأشمونى (900هـ) ،في شروحهم على الألفية،وكذلك الصبان(1206هـ) ، والخضري( 1287هـ) في حاشيتهما - كأسلوب تعليمي يهدف إلى التشويق وإيقاظ الأفهام في عرض الآراء والقواعد، وهى لا تخلو من فوائد تتعلق ببيان مبهم، أو تفصيل مجمل، أو تحرير مسألة، أو ترجيح خلاف، أو استدراك على ما فات، أو تقديم لما هو آت ، أو نقول من كتب مفقودة قيمة ضاعت أصولها وعدت عليها عوادي الزمن.
وممن عُني بذكر هذه الظاهرة الإمام شهاب الدين أحمد بن محمد بن عماد المشهور بابن الهائم (815هـ) في كتابه المسمى (شرح تحفة الطلاب) ، الذي ألفه كشرح لمنظومته تحفة الطلاب، وهى نظم لكتاب الإعراب عن قواعد الإعراب لابن هشام، أكثر فيه من إيراد التنبيهات حتى أصبحت تمثل ظاهرة،إذ بلغت عدَّتها مائة وستين تنبيهًا.