مدى مشروعية طلب الوظائف القيادية في الفقه الإسلامي والقانون المصري

يهدف هذا البحث إلى التأکيد على حرص الشريعة الإسلامية على أن تکون الوظائف القيادية العامة مشغولة بأهل القوة والأمانة؛ وإحاطة المقبلين على الوظائف القيادية بخطورة المسئولية والأمانة التي سيتحملونها بتولي هذه المناصب، مما يستدعي ضرورة حرصهم على التأکد من کفاءتهم لشغلها، قبل أن تتولى الجهات المختصة التأکد من ذلک. وقد اتبعت المنهج المقارن، والمنهج التأصيلي (الاستقرائي)، والمنهج التحليلي (الاستنباطي)، والمنهج التاريخي؛ وتوصلت من خلال هذا البحث إلى مجموعة من النتائج أوجزها في أنه لا يمکن أن تکون الوظائف القيادية العليا هدفًا لسد الحاجة، إذ إن سد الحاجة يتحقق بما دون ذلک من الوظائف؛ والواجب اتخاذ هذه الوظائف العليا خدمة عامة يؤديها القائم بها دينًا وقربة يتقرب بها إلى الله، وينتظر على أدائه لها الفضل الکبير من الله تعالى، باعتبار أن الحرص على توليها دون مقتضى له مفاسد فقد تضعف نفسه، وينحرف بالقيادة عن مقصودها، وقد ينجر إلى ذميم الأخلاق والصفات، وتفسد علاقته بالناس، ويفقد الإعانة من الله تعالى. کما انتهيت إلى أن جواز طلب الوظائف القيادية ليس على إطلاقه، کما أن المنع من طلبها أيضًا ليس على إطلاقه؛ وإنما يتوقف الحکم على النظر في الدافع إلى طلب الوظيفة؛ فإن سألها لإصلاح ما فسد منها، فإن ذلک جائز، إذا علم من نفسه القدرة؛ ولم يکن فيها غيره، ولم يکن مشهورًا. وأخيراً انتهيت إلى أن التشريعات المصرية جمعت بين الأسلوبين، أي طلب الوظيفة من جانب الأفراد، واختيارهم لها من جانب السلطات المختصة؛ حيث سمحت للأفراد من ناحية أن يتقدموا بطلب شغل الوظائف القيادية ولکن بناءً على ما يرونه في أنفسهم من تحقق الکفاءة المطلوبة لهذه الوظائف، باعتبار أن التشريع لم يسمح بطلب الوظائف بشکل مطلق؛ وإنما قيد ذلک باشتراطات معينة يتعين تحققها في المتقدم، بحيث يستدل بتوافر هذه الاشتراطات في المتقدم على تحقق الکفاءة المطلوبة فيه لشغل الوظيفة القيادية؛ وفي مقابل ذلک جعل للسلطة المختصة الحق في اختيار الأکفأ حتى لا يتم تعيين المفضول مع وجود الفاضل، على أن يتم التعرف على الأفضل بإجراء الامتحانات، والتأکد من الصلاحية الخلقية من ناحية، والصلاحية العلمية والعملية من ناحية أخرى.