مشهد الوداع وعلاقته بالمضمون في رائية ابن دراج القسطلي
Abstract
هدفت هذه الدراسة إلى ارتباط مشهد الوداع في رائية ابن درَّاج القسطلي التي مدح بها المنصور بن أبي عامر بمضمون القصيدة الرئيس، وأن هذا المشهد لا ينفك بحال من الأحوال عن القصيدة، بل صار مرتبطا بمضمونها (المدح) لحمة وسدى، ولا نجانف الصواب إذا قلنا إن هذا المشهد الذي صدر به ابن دراج تلك القصيدة كان المنطلق الذي انطلق منه إلى غايته التي تكمن في استشراف واقع أفضل يطمح إليه وقد أحس بالظلم واليأس، ولم يجد ذلك الواقع إلا عند ممدوحه، معولا في سبيل الوصول لبغيته على وسيلة درج عليها كثير من الشعراء القدامى وهي وصف الرحلة في مجاهل الصحراء للوصول للممدوح ليدبج فيه آيات المدح.
وانتهت الدراسة إلى عدة نتائج منها أن مشهد الوداع قد شغل مساحة كبيرة من القصيدة إذا ما قورن بما كان يشغله في العصور السابقة في المشرق العربي، مما يعزز احتياجه لرؤى نقدية تؤسس له وتضيفه غرضا مستقلا إلى أغراض الشعر العربي. علما بأن هذا المشهد لم يكن طارئا على شعرنا العربي ولم يكن كذا مما استجد عليه، بل هو قديم قدم الشعر ذاته، لكنه كان يأتي عرضا ضمن أغراض شعرية كالغزل والوصف وغيرهما، ولذلك لم يوله معظم نقادنا القدامى من الاهتمام ما أولوا بقية الأغراض.
أضف إلى ذلك أن أثار هذا المشهد النفسية كانت ذات أثر فاعل في الطرفين- الرجل وزوجه- ويبدو هذا جليا فيما يكتنزه المشهد من دلالات الحزن والبكاء والزفير والتأوه. ولا يفوتني أن أنوه هنا أن القصيدة أسفرت بما تضمنته من هذا المشهد عن تحضر الإنسان الأندلسي في تعاطيه مع الكيان الأسري، وحرص الوالدين على الحفاظ عليه بسياج منيع، وإن اختلفت وجهات نظريهما.